إن أهمية الوقت معلومة عند كل عاقل؛ ذلك أن وقت الإنسان هو رأسماله، وهو عمره أيامه ولياليه، فإذا ما ضاع رأس المال، ضاعت الأرباح، وإذا عرف الإنسان ذلك، حرص على أن يستغلها ويستفيد منها وألا يضيعها، ليكون بذلك رابحا إن الغذاء الطيب من مكسب حلال يكسب القلب قوة، ويكسبه صفاء وإخلاصا، ويكون سببا في قبول الأعمال وإجابة الدعوات. والغذاء الطيب يكون سببا في بركة الله ومباركته للأعمال والأعمار والأموال، وأثر ذلك واضح، فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (كل لحم نبت على سحت فالنار أولى به) إن غسل أعضاء الوضوء في اليوم خمس مرات دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن وينظفه، كما جاء بما يطهر الروح ويزكيها. فهو دين الطهارة الحسية والمعنوية. اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . اختار بعض العلماء أن وقت الختان في يوم الولادة، وقيل في اليوم السابع، فإن أخر ففي الأربعين يوما، فإن أخر فإلى سبع سنين وهو السن الذي يؤمر فيه بالصلاة، فإن من شروط الصلاة الطهارة ولا تتم إلا بالختان، فيستحب أن لا يؤخر عن وقت الاستحباب.أما وقت الوجوب فهو البلوغ والتكليف، فيجب على من لم يختتن أن يبادر إليه عند البلوغ ما لم يخف على نفسه
شرح كتاب العظمة المجموعة الثانية
110568 مشاهدة
المشككون في النعيم الأخروي

...............................................................................


ثم نعرف أن المؤمنين الذين صدقوا بهذا الثواب, وبهذه الجنة لا يتعاظمون ذلك، ولو استنكرته بعض النفوس، بعض النفوس وبعض الشكاك، يقولون: كيف يكون هذا في الجنة؟ كيف تكون الجنة لا تفنى ثمارها؟ ولا يفنى نعيمها؟ ولا يبلى شبابها؟ وكيف تكون هذه الأنهار من غير أن تحتاج إلى سقي؟ من غير أن تحتاج الأشجار إلى حفر جداول تسقى إليها؟ وكيف تكون هذه الثمار تتدلى دون أن يصعد إليها؟ وكيف تكون الثمار هانية لا تتغير؟ وما أشبه ذلك، أنكر ذلك كثير, ولا يزالون يُنكرون مثل ذلك.
ذكر بعض الإخوة في مقدمة بعض الكتب أن بعض الملاحدة الذين يتسمّون بأنهم مسلمون؛ أنكروا نعيم الآخرة! حتى نظم بعضهم قصيدة، يقول في أولها:
ومـن أجل مقتي للمخانيث أنكرت
يدي في الجنان أن تُحَلَّى أسـاورَ
نعوذ بالله! أنكر أن يكون الله تعالى يدخلهم الجنة، وأنه يحليهم فيها، أنكر قول الله تعالى:
يُحَلَّوْنَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا وَلِبَاسُهُمْ فِيهَا حَرِيرٌ ؛ وما ذاك إلا لضعف العقول, ولنقص المعرفة, أو لضعف التصور؛ حيث قالوا: كيف يتصور أنهم يلبسون هذا الحلي؟ والحلي إنما يلبسه النساء، وكذلك الحرير، وما أشبه ذلك بالزينة، وما دَرَوْا أن الله تعالى يحلي أهل الجنة بهذا لكرامتهم، ولأنه دليل على مكانتهم وعلى شرفهم، فالذين يُنكرون ذلك يكذبون الله، ويكذبون النبي صلى الله عليه وسلم، ويردون خبر الله.
وبعضهم ينكر ذلك استكثارا؛ كأنهم يقولون: كيف تكون الخيمة الواحدة طولها ستون ميلا؟! يعني: في قوله تعالى: حُورٌ مَقْصُورَاتٌ فِي الْخِيَامِ وكيف يكون لأحدهم مسيرة مائة ميل أو مسيرة ألف ميل؟ له فيها كذا وكذا؟ إذا كان هذا فرد فكيف بالعالم كلهم أين يكونون؟ فيستعظمون مثل هذا ويردونه، وما علموا أن قدرة الله لا تحاط، ولا يتصور ما يخلقه، وأن الله تعالى واسع الفضل، واسع العطاء، وأنه لا يعجزه أن يدخل الجنة أهلها، ولو كانوا ألوف الألوف وألوف الملايين، ما يحصيهم إلا الله تعالى؛ يجعل لكل منهم ثوابا يناسبه، ولا يضيِّق بعضهم على بعض، ولو تباعدت أماكنهم؛ يقدر على أن يجمعهم في أقرب مكان وفي أقرب لحظة ويعطيهم ما يتمنون؛ وذلك كله دليل على كمال قدرة الله، وعلى كمال عظمته؛ فإنه لا يعجزه شيء ولا يشغله شأن عن شأن، يؤمن المسلم بذلك ولا يلتفت إلى هؤلاء المكذبين. نستمع إلى القراءة.